الأمانة العامة- الكويت

أكد معالي الأستاذ جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن الاجتماع بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي يؤكد على متانة الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والقائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، والتي وضعت أسسها اتفاقية التعاون التي أبرمها الجانبان في عام 1988م، وعززت قواعدها القمة المشتركة الأولى بينهما الذي جاء انعقادها أواخر العام الماضي، معبرة عن عمق الروابط بين المنظمتين والممتدة إلى نحو أربعة عقود بما يخدم أولوياتنا وتوجهاتنا المشتركة.


جاء ذلك خلال انعقاد اجتماع المجلس الوزاري المشترك الـ29 بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين الموافق 6 أكتوبر 2025م، بدولة الكويت، برئاسة مشتركة بين معالي عبدالله علي اليحيا، وزير الخارجية لدولة الكويت -رئيس الدورة الحالية- للمجلس الوزاري، ومعالي السيدة كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية – نائبة رئيس المفوضية الأوروبية (السيدة لوتي ماكهون وزيرة الدولة للسياسة الخارجية بمملكة الدنمارك)، وحضور أصحاب المعالي والسعادة وزراء خارجية دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي.

وفي بداية كلمته أشاد معالي الأمين العام بما تشهده العلاقات المتميزة الخليجية الأوروبية من تقدم ونماء، مع الحث على مواصلة العمل الجاد مع الجانب الأوروبي من خلال تطوير آليات العمل الخليجي الأوروبي المشترك، لنحقق سويا المزيد من الإنجازات الملموسة والمشاريع الهادفة والبناءة، بما يعود بالنفع على دول وشعوب منطقتينا على الأصعدة كافة.

وقال معاليه: بالرغم أن هذا الاجتماع الوزاري المشترك بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي هو التاسع والعشرون، إلا أنه يتخذ طابعاً خاصاً باعتباره أول اجتماع يعقده الجانبان على المستوى الوزاري في فترة ما بعد القمة الخليجية الأوروبية الأولى، والتي يولي مجلس التعاون أهمية استثنائية لمواصلة تنفيذ مخرجاتها، فقد وضعت القمة خارطة طريق واضحة لمزيد من التعاون المثمر، وأعرب القادة خلالها عن آمالهم وتطلعاتهم الطموحة إزاء تلكم الخطة والتي نواصل العمل بجدية على ترجمتها إلى خطوات عملية وملموسة تعنى بما يلي، تعزيز الشراكة الاقتصادية والتبادلات التجارية والاستثمارية، توسيع آفاق التعاون في مجالات الطاقة والتحول الأخضر، تطوير المشاورات السياسية والتعاون الأمني، ومعالجة التحديات العالمية بما فيها التغير المناخي، حل النزاعات وتسوية الخلافات، وتوطيد العلاقات بين شعوب المنطقتين. 

موكداً معاليه أن التنفيذ الفاعل لمخرجات القمة من شأنه أن يحقق الرؤية المشتركة لنبرهن بأن شراكتنا الاستراتيجية يجسدها التزامنا العملي لبناء مستقبلا أكثر أماناً واستقراراً وازدهاراً لمنطقتينا مع التأكيد على مواصلة العمل الدؤوب مع الشريك الأوروبي الموثوق لضمان متابعة دورية وفعالة لتنفيذ تلك المخرجات للتوصل إلى النتائج المنشودة بشكل ملموس وعملياتي على أرض الواقع.

كما أعرب معالي الأمين العام عن تطلعاته إلى مواصلة العمل لوضع تدابير عملية وجادة لتحقيق الإعفاء التام عن تأشيرات الدخول، بين منطقة شنغن في الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون، كون هذه الخطوة ليس من شأنها الإسهام في تيسير إجراءات التنقل بين المنطقتين فحسب، بل تخلق آفاقا أوسع للتبادلات التجارية والاستثمارية والأكاديمية والثقافية والسياحية، وهو ما يدعم في جملته النمو الاقتصادي المستدام ويعزز الروابط الإنسانية ويرسخ أركان جسور التفاهم الممتدة ما بين الخليج وأوروبا، لا سيما وأن المواطن الخليجي أثبت أن تواجده في دول الاتحاد الأوروبي هو تواجد إيجابي وله منافع عديدة على الدول الأوروبية. وأشار معاليه إلى المقترحين اللذين تقدمت بهما الأمانة العامة لمجلس التعاون للجانب الأوروبي وهما عقد المنتدى الأول للطاقة بين الجانبين، بالإضافة إلى تنظيم منتدى حول الاقتصاد الرقمي والتجارة الرقمية بتنسيق مشترك بين دولة الرئاسة الأوروبية القادمة قبرص ومجلس التعاون ومنظمة التعاون الرقمي.

وفي سياق متصل ذكر معاليه بأن اجتماعنا هذا يأتي في ظل ظروف إقليمية ودولية في غاية التعقيد وتصعيدات عسكرية بالغة الخطورة، والتي تتطلب مضاعفة جهودنا المشتركة لإنهاء كافة الصراعات المسلحة ودعم الحلول السلمية والسياسية والدبلوماسية القائمة على الحوار البناء والمفاوضات مع التأكيد على إدانتنا للاعتداء الإسرائيلي وانتهاكها الصارخ لسيادة دولة قطر، ونعتبر ذلك التصرف الغادر تصعيدًا خطيرًا ومخالفةً واضحة للقانون الدولي، يقوض الجهود الحثيثة والمثمنة دولياً واقليمياً التي تبذلها دولة قطر في سياق وساطتها لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن، مؤكدين وحدة الصف الخليجي بشكل حازم مع قطر الشقيقة والتعاضد معها، وهو الأمر الذي يبرهنه الإجراءات المتخذة المضادة لهذا الاعتداء، بما فيها القمة العربية الإسلامية والقمة الخليجية الطارئتين، إضافة إلى الاجتماع الاستثنائي لمجلس الدفاع المشترك والاجتماع العاجل للجنة العسكرية العليا لمجلس التعاون، والتي استضافتخا جميعها مدينة الدوحة، بهدف بحث العدوان الإسرائيلي على دولة قطر، ليتم التأكيد على أن أمن دول مجلس التعاون كلُ لا يتجزأ وأن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء على جميعها.

وفي القضية الفلسطينية المحورية، أكد معاليه على البيان المشترك لرئاسة المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، الصادر في 22 سبتمبر 2025م، الذي يؤكد على ضرورة الوقف الدائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وتبادل الأسرى، وضمان وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى جميع أنحاء غزة، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، مثمنين في هذا السياق الجهود المقدرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية لدفع المسار السياسي نحو حل عادل وشامل بما يستند إلى حل الدولتين، مرحبين بإعلان كل من المملكة العربية السعودية وبلجيكا والدنمارك وفرنسا وآيسلندا وإيرلندا واليابان والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا وسويسرا والمملكة المتحدة، عن إطلاق التحالف الطارئ للاستدامة المالية للسلطة الفلسطينية، الذي يأتي استجابةً للأزمة المالية غير المسبوقة التي تواجه السلطة الفلسطينية، ومن جانب آخر يتعلق بإنهاء الحرب في غزة، نرحب بالخطة التي أعلن عنها فخامة الرئيس دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وجميع الجهود والمبادرات الإقليمية والدولية الرامية لإنهاء هذه الأزمة ووضع حد للكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وندعم كافة ما نتوسم فيه انفراجه لهذه الأزمة الإنسانية غير المسبوقة.

كما تطرق معالي الأمين العام الى الشأن السوري بالترحيب بإعلان الجمهورية العربية السورية عن التوصل إلى خارطة طريق لحل الأزمة في محافظة السويداء، مشيدا بالجهود التي بذلتها المملكة الأردنية الهاشمية والولايات المتحدة الأمريكية في هذا السياق، مجددا التأكيد على دعم مجلس التعاون لكافة الخطوات التي تتخذها الحكومة السورية بما يعزز أمنها واستقرارها، ويحافظ على مقدراتها ووحدة أراضيها، وبالشأن الأوكراني، فمنذ اندلاع الحرب فيها، قد تبنى مجلس التعاون موقفا يرتكز إلى مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والنظام الدولي القائم على منهج احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وعدم الاستخدام القوة أو التهديد بها، مع إيمانه التام بأن التسوية السلمية من خلال الحوار والمفاوضات وعدم التصعيد العسكري، هما السبيل الأوحد لحل الأزمة، وفي إطار مشاركة الأمانة العامة لمجلس التعاون في أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد اعتمدنا خلال اجتماع عقدته الأمانة العامة مع الجانب الأوكراني في نيويورك الشهر الماضي، خطة للعمل المشترك بين مجلس التعاون وأوكرانيا للفترة (2025-2030)م، تشمل مقترحات تفصيلية للتعاون في مختلف المجالات، وسنعمل على تفعيل هذه الخطة من خلال مواصلة التنسيق والمشاورات مع الجانب الأوكراني.

وفي ختام كلمته أعرب معالي الأمين العام عن تطلعاته بأن تحقق الشراكة الخليجية الأوروبية الأهداف المرجوة منها وصولاً لنتائج ملموسة لتتوج هذه الشراكة الاستراتيجية المتميزة، متأملاً في نفس الوقت أن تطول هذه النتائج الشعوب الخليجية والأوروبية التي هي بالفعل المحرك الحقيقي لهذه الشراكة والدافع لنا لتحقيق الإنجازات.



n-10-6-4-2.jpgn-10-6-4-3.jpgn-10-6-4-4.jpg